حطام السفن في مصر
تجميع وكتابة، نيد ميدلتون

تجميع وكتابة، نيد ميدلتون

بالإضافة إلى وظيفتي الأساسية كصحفي - مصور للأعماق، فأنا أيضا مؤرخ للسفن الغارقة. ولهذا، تأخذني دراستي إلى جميع أرجاء الأرض حيث يتواجد أروع حطام للسفن الغارقة والقابلة للغوص فيها. بالفعل، مقابل كل ساعة أقضيها تحت الماء، أقضي ببساطة مئات الساعات الأخرى والتي أخصصها للدراسة والبحث. وكما أحب أن أقول دائما، فإن السبيل الوحيد لتسجيل أي حطام سفينة بشكل بات وحاسم هو عن طريق الدراسة، والبحث، ثم المزيد من الدراسة والبحث. ولكن، هذه ليست بالمهمة السهلة! حتى في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، لا يوجد الكثير من التفاصيل حول كل سفينة ومعركة بحرية ومأساة أو أي جوانب تتعلق بالتاريخ البحري يمكن الوصول إليها من خلال كتاب واحد أو متحف أو مكتبة أو أي مؤسسة أخرى. إن العملية الكلية معقدة حتى أنني كثيرا ما أكتشف طرقا جديدة للبحث لم تكن معروفة لي من قبل.
بالنسبة لي، هناك ثلاث عناصر يجب توافرها في كل قصة متعلقة بحطام سفينة ما؛ أولا، لا بد من تفاصيل تاريخية للسفينة نفسها – أين ومتى بنيت، الحجم والنوع والمحركات.. إلخ. بعد هذا، هناك السجل الأهم وهو كيفية غرق السفينة. وأخيرا، وصفها والذي لا يقل أهمية عما سبق، وهو شكل السفينة اليوم في أعماق البحر.
كما قد يتوقع الكثيرون، وجدت نفسي أقارن –بشكل متكرر- حطام السفن بقريناتها في مواقع الغوص المشهورة الأخرى، وعبر الوقت، توصلت إلى أنه لا توجد مقارنة أصلا. بالتأكيد سيخطر ببالك تروك لاجون، بيكيني أتول، والكاريبي، وحتى مواقع البحر الأبيض المتوسط، ولكن فكر معي؛ قصة واحدة فقط تحكي عن حطام السفن في تروك لاجون: هذا الحدث يعرف بعملية هيلستون- وهو الاسم الرمزي لهجوم قوات الولايات المتحدة الأمريكية والتي نتج عنها غرق 40 سفينة يابانية خلال يومان في عام 1944. وعلى عكس مصر، فإن تروك لاجون لم تشهد أي حطام للسفن قديم يعود إلى 1869 ولا حديث منذ عام 1996. وينطبق هذا على تلك السفن الغارقة في بيكيني أتول والتي كلها آثار ما بعد سقوط القنبلة الذرية في الحرب العالمية الثانية. لا يوجد أي بلد سواء في الكاريبي في الأطلسي من جانب أو البحر الأبيض المتوسط على الجانب الآخر، والتي بمقدورها أن تفخر بمجموعة من حطام سفن قادرة على منافسة تلك الموجودة في الجانب المصري من البحر الأحمر.
إذا ما سمحت لك الأحوال الجوية، فيمكنك زيارة جميع المواقع الرئيسية لحطام السفن المذكورة على الموقع هنا خلال عطلتك ذات الثلاثة أسابيع والتي خصصتها لرحلات السفاري. بالمقارنة، على المرء أن يزور تقريبا كل جزيرة في الكاريبي أو عدة بلاد على البحر الأبيض المتوسط كي يعثر على أي حطام بنفس القيمة. وفوق كل هذا، يقدم كل حطام سفينة خبرة لا بأس بها للغواصين عن التاريخ البحري.
في البداية، كان الغواصون، بشكل عام، سعداء بزيارة مختلف السفن الغارقة وملاحظة الفروق المتواجدة بينهم. ومع ازدياد شهرة مصر في هذا المجال، تزايدت مطالب الغواص للحصول على المزيد من المعلومات حول كل سفينة بشكل خاص، وقد لبت الصحافة الأوروبية هذه الحاجة بالمقالات المتزايدة التي لا تنتهي حول حطام سفن بعينها. ولا بد من ذكر أنه أثناء هذه العجلة لكتابة "شيء ما" حول السفينة الغارقة المكتشفة حديثا أيا كان اسمها، لم يتم تحري الدقة في ذكر تاريخ السفينة. بالطبع، مع نشر هذه المعلومات، تناقلتها وكررتها مصادر أخرى لم تعتمد سوى على ما كتب من قبل وتكرر بأقلام الآخرين. وفي وقت ما ساءت الأمور كثيرا، حتى أنه في السنوات الأخيرة، نشرت مجلة بريطانية تاريخا كاملا عن حطام سفينة ليس لها وجود من الأصل!
ويكفي القول أن التفاصيل الخاصة بكل حطام سفينة ذكرت على هذا الموقع تم التحقق منها ثم إعادة التدقيق للتأكد من صحتها ثم التحقق مرة ثالثة من صدقها وفقا للوثائق الرسمية والأنقاض الموجودة بالفعل على أرض الواقع. باختصار، هذه التفاصيل شديدة الدقة بقدر استطاعة أي بشري أن يتوصل إليه، وبالنسبة للغواصين الراغبين في إضافة أي معلومات إلى سجلهم الشخصي، فيمكنهم الوثوق فيما ذكر هنا منها.
مع وجود الكثير لتقدمه للغواصين المتخصصين في حطام السفن - بالإضافة إلى المناخ الترحيبي والمياه الدافئة الصافية، من السهل أن نفهم سبب اجتذاب مقبرة السفن المذهلة في مصر للعديد من السائحين الذين يمارسون رياضة الغوص مرة أخرى عاما بعد عام.

القوانين في مصر

يُعد إزالة أي قطعة أثرية من أي حطام سفينة يُعثر عليه داخل المياه الإقليمية المصرية مخالفا للقانون. وفي حين أنني لست على علم بأي محاكمات تمت على الإطلاق، فقد وقعت مثل هذه الملاحقات القضائية في بلدان أخرى دون إحداث أي تأثير من شأنه الإضرار بنشاط السياحة المحلية.
حطام السفن، بحكم طبيعته، ممتلكات في طريقها للتدهور، وأي تدهور متعمد إضافي يتسبب فيه أولئك الذين يسعون إلى إزالة أجزاء من هذه السفن سيؤدي في النهاية إلى اتخاذ إجراء قانوني من قِبَل السلطات المصرية. قوانين الحماية مطبقة بالفعل، وأنا أؤمن بشدة أن الملاحقات القضائية الأولى ستشكل مفاجأة كبيرة لأولئك المتهمين!

فيما يخص السلامة

لا أوافق على الرأي القائل بأنه يمكن تصنيف الغوص وفقا لمؤهلات كل غواص فردي. كل التجارب نسبية؛ لذلك ليس لي (أو لأي شخص آخر) القول بأنه على أي غواص أن يزور أو لا يزور هذا الحطام أو ذاك. ليس لدينا وسيلة لمقارنة خبرة وقدرة الغواص مع متطلبات أي غوص، والتي قد تتغير على أي حال بسبب الظروف الجوية السيئة أو الحالة المتدهورة للسفينة نفسها.
مهمتي هي إطلاع القارئ على حطام السفن الغارقة المذهل في مصر. وبينما أفعل هذا، أتمنى نقل الحقائق المحيطة بكل سفينة غارقة.. وهذا كل ما أسعى لفعله. بينما يقع على عاتق كل قارئ مهمة استشارة رأي آخر فيما يخص خبرتهم في الغوص وملاءمة قدراتهم للقيام برحلة غوص معينة لأي من حطام هذه السفن.
يتكون حطام السفن من الحديد والخشب – وهي خامات تتآكل باستمرار في مياه البحر المالحة حتى لن يتبقى منها شيئا في النهاية. إنها هياكل تعرضت للتدمير أصلا، وبالتالي فهي ضعيفة منذ لحظة غرقها. وعلاوة على هذا، فهي ثقيلة جدا وعرضة للانهيار في أي وقت، وخاصة تلك التي ترقد على جنبها، وذلك فقط لأنه لم يتم تصميم أي سفينة كي تتحمل كل وزنها تحت هذه الظروف.
قد يصبح أي من حطام السفن المذكور هنا على الموقع غير آمن منذ آخر زيارة قمت بها للسفينة المعنية. لذلك، يُنصح جميع الغواصين بشدة بالاطلاع على آخر التطورات فيما يتعلق بالحالة الحالية لأي سفينة يعتزمون زيارتها. كن حذرا - يمكن أن تكون حطام السفن أماكن خطرة يجب دائما التعامل معها بحذر شديد.
وختاما لكلامي، فإن مصر دولة محظوظة فعلا لتمكنها من توفير واحدة من أروع مجموعات حطام السفن في العالم – فاستمتع بها.

للمزيد من المعلومات عن حطام هذه السفينة أو السفن الغارقة الأخرى التي تم العثور عليها في الجزء المصري من البحر الأحمر، يمكنك الرجوع إلى كتاب "حطام السفن في البحر الأحمر المصري" (ISBN 1898162719 و 1905492162) المتاح حاليا لمؤلفه نيد ميدلتون، وهو كاتب حائز على جوائز وتقف مؤلفاته وسط الكتب الأكثر مبيعا. وقد حصل هذا الكتاب على لقب "إصدار العام لعالم البحار" لعام 2007